تربية طفلك

مرض متلازمة الطفل الوحيد | ما بين الحقيقة والخرافة

بينما كان يتصفح إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وقعت عيناه على منشور لأحد الأطباء النفسيين يناقش فيه ما يعرف باسم “مرض متلازمة الطفل الوحيد”، فشرد للحظات متذكرًا أول مرة سمع بها هذا المصطلح.

  • من مَزَقَ ذلك الحذاء الجديد؟

         = بالطبع أنا. 

  • لماذا فعلت ذلك؟

        = لا يروق لي.

  • حسنًا يا صغيري، سوف نشتري حذاءً جديدًا يروق لك.

        = أحبك كثيرًا يا أمي.

  • وأنا أعشقك أيها الإمبراطور الصغير.

يقاطعهما الأب بقوله: “أتعلمين أنكِ بذلك تفسدين طفلنا، لقد أصبح يعاني مرض “متلازمة الطفل الوحيد”.

  • كُفّ عن هذا الهراء، ودع الولد ينعم معنا.

 

إليكِ عزيزتي القارئة هذا المقال في بنات طب، سنتحدث فيه عن ماهية مرض متلازمة الطفل الوحيد، وتناقضات الآراء حولها، وبعض النصائح لتربية الطفل الوحيد. 

 

ما هو مرض متلازمة الطفل الوحيد ’’Only child syndrome‘‘؟

مرض متلازمة الطفل الوحيد - بنات طب

يشير هذا المصطلح إلى مجموعة من الاضطرابات النفسية والسمات الشخصية التي يتسم بها الطفل الذي ينشأ وحيدًا في أسرته، ويرجع أصل ذلك المصطلح إلى أواخر القرن التاسع عشر، عندما أجرى عالم النفس الأمريكي “ستانلي هول” استبيانًا لدراسة وتصنيف السمات الشخصية للأطفال.

 

بناءً على آراء المشاركين في الدراسة استنتج ستانلي أن الأطفال الذين ليس لديهم أشقاء يمتلكون قائمة طويلة من السمات السلوكية السلبية، بل ذهب ستانلي إلى أبعد من ذلك بقوله: “إن كون الطفل وحيدًا هو مرض في حد ذاته”، وطبقًا لنتائج دراسة ستانلي فإن الطفل الوحيد يتصف بالآتي:

  • مدلّل ومتسلّط.
  • أناني وعدواني.
  • عصبي وعنيد.
  • يعاني الوحدة والانعزال.
  • يفتقد الكثير من المهارات الاجتماعية.

 

مرض متلازمة الطفل الوحيد، هل هو حقيقة أم خرافة؟

الطفل الوحيد - بنات طب

تباينت الأقاويل والآراء حول هذه المتلازمة؛ إذ تعد من أكثر المصطلحات التربوية المثيرة للجدل، ويتفق الكثير من علماء النفس على أنها مجرّد خرافة، وأن دراسة ستانلي كانت على الأطفال الذين يعيشون في مناطق ريفية نائية، وهم بطبيعة الأمر أكثر انعزالًا من غيرهم؛ لذا فنتائج الدراسة غير دقيقة ومعيبة. 

 

كذلك أظهرت العديد من الدراسات الحديثة عدم صحة مرض متلازمة الطفل الوحيد، وأكدت على أن كون الطفل وحيدًا لا يجعله بالضرورة مختلفًا عن طفل آخر لديه أشقاء، فمن الوارد جدًا وجود طفل أناني ومُدلّل بين أشقائه.

 

فضلًا عن ذلك هناك العديد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على شخصية الطفل وسلوكياته غير كونه نشأ وحيدًا، مثل:

 

  • الظروف المادية والاجتماعية والثقافية للأسرة.
  • المعتقدات الدينية التي تؤمن بها الأسرة. 
  • طبيعة العلاقة الزوجية ومدى التفاهم بين الوالدين.
  • نمط التربية المُتبع من الوالدين.
  • علاقة الطفل بأشقائه.
  • الظروف البيئية التي ينشأ فيها الطفل.
  • دور العبادة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
  • المؤسسة التعليمية التي يلتحق بها الطفل.
  • علاقة الطفل بالزملاء والرفاق.

أسباب نشأة الطفل وحيدًا

يمكن أن ينشأ الطفل وحيدًا لعدة أسباب، منها:

  1. إصابة الوالدين ببعض المشكلات الصحية التي تمنعهم من الإنجاب مرة أخرى.
  2. القدرة المادية الضعيفة للأسرة؛ مما يدفع الوالدان لتجنب فكرة الإنجاب مرة أخرى باستخدام وسائل منع الحمل المختلفة.
  3. رغبة الوالدين في تنظيم الأسرة، ومنح ابنهم الوحيد كافة المزايا التعليمية والمادية.
  4. الزواج في سن متأخر، أو حدوث الطلاق، أو وفاة أحد الوالدين.
  5. سياسات بعض الدول، فقد فرضت حكومة جمهورية الصين الشعبية في الفترة ما بين عام 1978م إلى عام 2015م سياسة الطفل الواحد، التي تسمح لكل زوجين بإنجاب طفل واحد فقط وفرض بعض العقوبات عليهم في حالة إنجاب طفل آخر، ويُعد هذا السبب من أغرب أسباب نشأة الطفل وحيدًا؛ إذ أدى إلى نشأة جيل كامل في الصين وحيدًا دون أشقاء.
هل تشتاقين لسماع صوت صغيرك؛ اقرئي: متى يتكلم الطفل؟ أنتظر سماع كلماتك الأولى يا صغيري!

 

حقائق حول الطفل الوحيد

تكاثرت الآراء حول مميزات وعيوب الطفل الوحيد، فالكثير يرجع كون الطفل الوحيد جيدًا أو سيئًا إلى نمط تربيته وكيفية فهم وإدراك الوالدين له.

 

أهم المميزات التي يتمتع بها الطفل الوحيد:

الأب وابنته المدللة - بنات طب

  • يحظى بالمزيد من الحب والاهتمام من الوالدين. 
  • الاستجابة الدائمة لجميع متطلباته. 
  • يتصف بالاستقلالية والاعتماد على النفس.
  • يتمتع بالشخصية القوية والذكاء والطموح.
  • يميل إلى تنظيم الوقت.

 

أهم العيوب التي يتمتع بها الطفل الوحيد:

  •  التعلق الزائد بالوالدين.
  • العصبية والعناد.
  • الدلال المفرط.
  • يفتقر القدرة على تكوين صداقات، ويميل أكثر إلى الانطوائية.
  • قد يعاني الطفل الوحيد الوحدة والاكتئاب.
  • قد يمارس الأبوان عليه بعض الضغوطات، مثل: التركيز على تفوقه دراسيًا ورياضيًا.

 

أنواع الطفل الوحيد

أشار بعض علماء النفس إلى إمكانية معاناة بعض الأطفال مرض متلازمة الطفل الوحيد بالرغم من نشأته وسط أسرة كبيرة تحوي مجموعة أشقاء، ويحدث ذلك في الحالات الأتية:

 

  • وجود صبي وحيد بين أخوات فتيات.
  • وجود فتاة وحيدة بين إخوة صبيان.
  • كذلك وجود طفل بينه وبين إخوته فارق كبير في العمر مما يُصعِّب التعامل بينهم.

 

لذلك يجب على الوالدين في هذه الحالات اتباع نمط التربية المتوافق مع جميع الأبناء وعدم التفريق بينهم، والعمل على تعزيز الروابط الأسرية، وحثهم على مشاركة بعضهم البعض في الأنشطة الحياتية المختلفة.

 اقرئي أيضًا: منهج المنتسوري التعليمي | كل ما تحتاج معرفته!

 

أهم النصائح لتربية الطفل الوحيد

تربية الطفل - بنات طب

تعد تربية الأبناء مهمة عظيمة وشاقة تتطلب الكثير من الوقت والجهد من أجل تنشئة أبناء صالحين، وقد يظن البعض أن تربية طفل وحيد أسهل من تربية عدة أطفال معًا، كون المسئوليات التربوية والأعباء المادية أقل.

 

لكن هذا الظن خاطئ، فتربية طفل وحيد تواجه العديد من الصعوبات والتحديات؛ إذ إن القلق الدائم والخوف الزائد عليه يؤدي إلى تخبط الوالدين في أساليب التربية المُتبعة، لذلك إليك أهم النصائح لتربية الطفل الوحيد:

  • لا تبالغ في حماية طفلك، فالحماية المفرطة تجعله أقل قدرة على مواجهة مشكلات الحياة.
  • تجنب المديح المبالغ به والتدليل المفرط له حتى لا يصبح مغرورًا وأنانيًا وعنيدًا، وليكن المديح على قدر الفعل الصادر من الطفل، فلا يجب مدح الطفل والثناء عليه طوال الوقت دون سبب واضح. 
  • احرص على إرساء نظام عادل للثواب والعقاب.
  • شجع طفلك على مشاركة أقرانه في نشاطات رياضية وفنية وثقافية.
  • احرص على بناء علاقات وثيقة مع طفلك حتى يشعر بالحب والأمان.
  • ساعد طفلك على اكتشاف مواهبه والشعور بذاته وقدراته المختلفة.

 

 وختامًا -عزيزي القارئ- لا تعير انتباهًا جادًا لما هو شائع عن مرض متلازمة الطفل الوحيد، واعلم جيدًا أن طفلك ليس سوى انعكاس لك، وأن أساليب تربيتك هي العامل الأساسي في تشكيل شخصيته وسلوكياته.

فالوالدان فقط هم القادرون على خلق شخصية الطفل الوحيد بكل مميزاته أو عيوبه سواء نشأ وحيدًا حقًا أو بين عدة إخوة، فاحرص على اتباع أساليب التربية الصحيحة من أجل نجاح غَرْسك الأغلى. 

بواسطة
بقلم: د. ناريمان عاطفمراجعة علمية: د. مروة صبحيتدقيق لغوي: د. نورا جمال
المصدر
healthline.comparents.comscientificamerican.com

د. ناريمان عاطف

أخصائية تحاليل طبية وكاتبة محتوى، شغوفة بالعلوم والطب، أعشق القراءة منذ الصغر وأجيد البحث عن المعلومة من أدق مصادرها. عملت بالتدريس لفترة مما جعلني أكتشف شغفي في نشر العلم وتبسيطه للجميع؛ لذلك أكتب من أجل إثراء الثقافة العلمية والطبية في مجتمعنا العربي بلغة الضاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى