الحمل في أثناء الرضاعة الطبيعية | هل يمكن أن يحدث؟

تعتقد الكثير من الأمهات أن الرضاعة الطبيعية هي وسيلة آمنة طبيعية لمنع الحمل بنسبة 100%. لكن هذا غير صحيح؛ فقد يحدث الحمل في أثناء الرضاعة الطبيعية، حتى في حالة انقطاع الدورة الشهرية بعد الولادة. تعرفي في هذا المقال في بنات طب على إمكانية حدوث الحمل خلال الرضاعة بالتفصيل.

لماذا يظن البعض أن الحمل في أثناء الرضاعة الطبيعية أمراً مستحيلاً؟

تُحفز الرضاعة الطبيعية الأعصاب حول حلمات الثدي، والتي ترسل بدورها إشارات تُحفِّز المخ على إفراز هرمون البرولاكتين ’’Prolactin‘‘ المسئول عن إنتاج الحليب في جسم الأم. 

يقلل هرمون البرولاكتين ’’Prolactin‘‘ خصوبة الأم، ويسبب تأخُّر عملية الإباضة، كما قد تنقطع الدورة الشهرية لفترة طويلة مثلما يحدث في الحمل العادي، وتسمى بفترة (انقطاع الطمث الإرضاعي)، لذلك تظن بعض السيدات أن الرضاعة وسيلة آمنة وطبيعية لمنع الحمل.

وتسمى هذه الوسيلة (وسيلة انقطاع الطمث الإرضاعي) ’’LAM: Lactational Amenorrhea Method‘‘، وهي تعتمد على تقليل نسبة الحمل في أثناء الرضاعة من خلال الالتزام بالشروط الآتية:

• عدم نزول الدورة الشهرية بعد الولادة، لاحتمالية انعدام التبويض للأم. اقرئي: جدول أيام التبويض.
• الاستمرار بإرضاع الطفل، مع عدم الاعتماد على أي حليب صناعي أو أي مصدر تغذية خارجي.
• ألا يزيد عمر الطفل عن 6 أشهر؛ وبعد مرور تلك الفترة تبدأ الأم بإدخال الأطعمة الصلبة للطفل. نتيجة لذلك تقل عدد مرات الرضاعة الطبيعية، وتبدأ عملية التبويض.

اقرئي أيضًا: أضرار الرضاعة الصناعية.

ما هي نسبة الحمل في أثناء الرضاعة؟

بالرغم من الشروط السابقة، تتعرض 1 أو 2 من أصل 100 من السيدات للحمل في الرضاعة. لا يمكن التنبؤ بدقة بموعد انطلاق أول بويضة بعد الولادة، وقد تستمر عملية التبويض حتى في غياب الدورة الشهرية. نتيجة لذلك، قد يحدث الحمل في أي وقت.

لذلك لا يمكن الاعتماد على الرضاعة كوسيلة منع حمل رئيسية. يجب استعمال وسائل منع الحمل فعالة في حالة عدم رغبتك في الحصول على طفل آخر في ذلك الوقت. 

اقرئي أيضًا: طرق الرضاعة الصحيحة

أعراض الحمل في أثناء الرضاعة

لا تختلف أعراضه عن أعراض الحمل العادية، لكنها تظهر بصورة مضاعفة كما يلي:

ألم الثديين:

تعاني الأم المُرضعة عادةً من آلام في الثديين، ولكن مع حدوث الحمل في الرضاعة تصبح الحلمتين أكثر تحسُّساًوعرضة للتشققات، وتصبح الرضاعة أكثر ألماً.

اقرئي: علاج تشققات الحلمتين أثناء الرضاعة.

 

انخفاض معدل إنتاج الحليب:

تعد من أشهر أعراض الحمل في أثناء الرضاعة، حيث تلاحظ الأم انخفاض كمية الحليب لديها نتيجة لزيادة إفراز هرمون البروجيسترون ’’Progesterone‘‘، واستمرار شعور طفلك بالجوع بعد كل رضعة.

قد يرفض الطفل الاستمرار في الرضاعة بل وأحياناً يفطم نفسه، بسبب تغير طعم الحليب. بعد مرور 4 أشهر سيتحول إلى لبن السرسوب (لبن الولادة) فيصبح أقل حلاوة وغير مفيد لطفلك الرضيع.

اقرئي أيضًا: أسباب قلة لبن الأم فجأة.

 

تقلصات وانقباضات الرحم:

ينقبض الرحم بصورة مستمرة شبيهة بتلك التي تسبق الدورة الشهرية، وأحياناً تظهر بقع دموية مهبلية صغيرة مع غياب الدورة الشهرية. قد يدل ذلك على انغراس للبويضة المخصَّبة في جدار الرحم.  

الشعور بالعطش الشديد:

تشعر الأم المرضعة بالعطش غالباً بسبب استهلاك طفلها لحليب الرضاعة. لكن في حالة الحمل يتضاعف الشعور بالعطش لحاجة الجنين للسوائل في النمو.

التعب والإجهاد المستمر:

من الطبيعي الشعور بالإجهاد في أثناء فترة الرضاعة، خاصةً مع النوم المتقطع، ولكن مع الحمل يتضاعف الشعور بالإجهاد والدوخة والتعب من أقل مجهود، مثل: تغيير الحفاض أو حتى غسيل الملابس! مع الشعور أيضاً بالرغبة في النوم على مدار اليوم.

اقرئي أيضًا: التخسيس في أثناء الرضاعة.

 

الغثيان:

يتوقف الشعور بالغثيان بسبب الحمل عند الأم بعد الولادة (سواء كانت ولادة طبيعية أو ولادة قيصرية)، ولكن إذا كنتِ مرضعة وشعرتِ بالغثيان خاصةً في الصباح عند الاستيقاظ من النوم فإن هذه إحدى أعراض الحمل في أثناء الرضاعة.

ارتفاع شهيتك لتناول الطعام:

ترتفع شهيتك بشكل ملحوظ فقد ترغبين في تناول الطعام كل ساعتين بكميات كبيرة. قد ترغبين أحياناً في تناول نوع معين من الطعام لأكثر من مرة على مدار اليوم.

تأخُّر الدورة الشهرية:

إذا انتظمت الدورة الشهرية بعد الولادة مباشرة، فإن تأخُّر الدورة الشهرية أو عدم انتظامها يعد علامة قوية على حدوث الحمل.

تعد الأعراض السابقة مؤشراً على حدوث الحمل، ولكنها ليست كافية، وللتأكد من ذلك يُنصح بالتوجه للطبيب المُتخصِّص في أقرب وقت.

ما هي علامات الحمل في أثناء الرضاعة؟ التحاليل المطلوبة

هي تحاليل تؤكد أو تنفي حدوث الحمل، وتشمل:

تحليل هرمون الحمل:

تعتمد على قياس هرمون الحمل (هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية) ’’HCG: Human Chorionic Gonadotropin‘‘، والذي يُفرز من خلايا المشيمة المُحيطة بالجنين.

يفضل أن تنتظري أسبوعاً كاملاً على شعورك بالأعراض السابقة، أو عند تأخر الدورة الشهرية، ويوجد نوعان من التحاليل للكشف عن هرمون الحمل ’’HCG‘‘:

تحليل الحمل المنزلي:

لا يلجأ الطبيب لاستخدام اختبار الحمل المنزلي، ولكن يمكنكِ إجراؤه عند شعورك بالأعراض السابقة، وتؤخذ عينة من البول في الصباح الباكر فور استيقاظك من النوم، دون شرب ماء أو تناول أي طعام. 

الإجابة: لا يتأثر اختبار الحمل بالرضاعة الطبيعية، كما لا تؤثر هرمونات الرضاعة على هرمون الحمل مطلقًا، فاختبار الحمل يقيس نسبة هرمون الحمل في البول. وغالبًا ما يحدث ذلك في اليوم السادس إلى اليوم العاشر من تخصيب البويضة أو في اليوم السابع إلى اليوم الرابع عشر بعد التصاق البويضة المخصبة في الرحم.

تحليل الدم:

يعد من أدق الطرق التي يلجأ الطبيب لها للكشف عن علامات الحمل، و يتميز بأنه لا يتأثر بالطعام أو الشراب، ويوجد نوعان من التحاليل:

• تحليل الدم النوعي ’’Qualitative Serum Pregnancy Test‘‘:

يعتمد على وجود هرمون الحمل ’’HCG‘‘ أم لا، وتكون نتيجته إيجابية أي يوجد حمل، أو سلبية أي لا يوجد حمل.

• تحليل الدم الكمي ’’Quantitative Serum Pregnancy Test‘‘:

يعتمد على قياس نسبة إفراز هرمون الحمل ’’HCG‘‘ بدقة مهما كانت ضئيلة.

اقرئي أيضًا: فوائد الرضاعة الطبيعية للأم والطفل.

الموجات فوق الصوتية (السونار):

تُجرى في عيادة الطبيب المُتخصِّص إما من خلال البطن أو المهبل، ويتأخر ظهور كيس الحمل بالسونار العادي مقارنةً بالسونار المهبلي.

لا يلجأ الطبيب للموجات فوق صوتية في الكشف المبكر عن حدوث الحمل؛ حيث لا يظهر كيس الحمل إلا بعد مرور 5 أسابيع أو أكثر من عمر الجنين، لذا يُفضِّل تحليل الدم.

اقرئي أيضًا: تحاليل الحمل في الشهور الأولى.

نتيجة تحليل الحمل خلال الرضاعة

تعتمد نتيجة تحليل الحمل خلال الرضاعة فقط على قياس هرمون الحمل ’’HCG‘‘ في الدم أو البول، ولا تتأثر بهرمونات الرضاعة، ولكن قد تظهر نتائج سلبية أو إيجابية خاطئة بسبب خلل في مستويات هرمون الحمل ’’HCG‘‘ نفسه:

• نتائج سلبية خاطئة

يعني أنكِ حامل بالفعل ولكن تظهر نتيجة تحليل الحمل عكس ذلك، خاصةً إذا أُجريت في الأسابيع الأولى من الحمل، حيث ينخفض مستوى هرمون الحمل ’’HCG‘‘، وبالتالي يجب إعادة الاختبار مرة أخرى بعد مرور 7 أيام.

• نتائج إيجابية خاطئة

هنا تظهر نتيجة تحليل الحمل أنكِ حامل ولكنكِ لستِ كذلك، وذلك بسبب بعض التداخلات الدوائية التي ترفع من مستوى هرمون الحمل ’’HCG‘‘، مثل الأدوية المنومة، أو الأدوية المهدئة، أو مضادات الحساسية، أو أدوية الصرع. 

مخاطر الحمل خلال الرضاعة 

لا يؤثر الحمل خلال الرضاعة سلباً على الطفل الرضيع أو الجنين أو الأم، ويمكن للأم أن تستمر في إرضاع طفلها حتى نهاية الحمل. لكن يفضل الطبيب المُتخصِّص توقف الرضاعة في الحالات الآتية: 

• إذا كانت الأم حاملاً في توأم.
• في حالة تعرضكِ للإجهاض مسبقاً، يجب التوقف عن الرضاعة تجنُّباً لحدوث ولادة مبكرة، لأن هرمون الأوكسيتوسين ’’Oxytocin‘‘ الذي يُفرز في أثناء الرضاعة يُسبب تقلصات بجدار الرحم.
•  حالات الأنيميا الشديدة، والتي قد تزيد من فرص حدوث الإجهاض للأم.
• تعرُّض الأم للنزيف المستمر، وانخفاض وزنها بطريقة ملحوظة.
• رفض الطفل لحليب الأم بسبب تغيُّر طعمه.

اقرئي أيضًا: أضرار حبوب منع الحمل.

نصائح عند حدوث الحمل خلال الرضاعة الطبيعية

إذا كنتِ لا تريدين الاستمرار في الرضاعة خلال الحمل، اقرئي: طريقة الفطام الصحيحة.

إذا كانت لديكِ الرغبة في الاستمرار بالرضاعة أثناء الحمل، وأكد لكِ الطبيب المختص عدم وجود أي مخاطر على صحتكِ، أو صحة الطفل الرضيع، أو صحة الجنين، إليكِ بعض النصائح لضمان الحفاظ على صحتكم جميعا: 

• الالتزام بغذاء صحي متوازن غني بالفيتامينات والمعادن، ومضاعفة حصتكِ من السعرات الحرارية لتكفي الجنين والطفل الرضيع، مع تناول فيتامينات الحمل. 
• الحرص على الراحة التامة، والنوم لفترات كافية.
• الاستمرار في ترطيب الثديين، وعند ظهور أي التهابات أو تقرُّحات يجب مراجعة الطبيب المُتخصِّص فوراً لتجنب حدوث عدوى بكتيرية، والتي قد تصل للطفل الرضيع.
• اتخاذ وضع مُريح للرضاعة خاصةً في الشهور الأخيرة من الحمل.
• الاهتمام بشرب الكثير من الماء. اقرئي: أهمية شرب الماء للمرأة.

اقرئي أيضًا: السن المناسب للفطام.

 

لم يعُد حدوث الحمل في أثناء الرضاعة أمراً مفاجئاً وغير متوقع، لذلك يُفضل استخدام وسيلة أخرى فعالة لمنعه لمدة سنتين أو أكثر، لتتمكني من الاهتمام بطفلكِ الرضيع، واستعادة صحتكِ بعد الولادة السابقة.