كتاب علاقات خطرة لمحمد طه | اكتشف نفسك
يعد كتاب علاقات خطرة لمحمد طه من أفضل كتب علم النفس، إذ يغوص فيه الكاتب في أعماق النفس البشرية وفي طبائعها، ويستعرض كتاب علاقات خطرة 30 علاقة مؤذية ينصحنا فيه الكاتب بالابتعاد عنها ويعرض حلولًا لمثل هذه العلاقات.
يحذرنا الكاتب من أن نكون جزءًا من علاقة تستنزف طاقتنا وترهقنا؛ لذا سأصحبك -عزيزي القارئ- في جولة للتعرف على ملخص كتاب علاقات خطرة.
سنتعرف سويًا -في بنات طب– على أنواع هذه العلاقات، وكيف نبني علاقة صحية تغيرنا إلى الأفضل.
قبل أن تنطلق جولتنا، دعينا نعرف أولًا من هو الكاتب محمد طه؟
من هو الكاتب محمد طه؟
د. محمد طه أستاذ واستشاري الطب النفسي جامعة المنيا بجمهورية مصر العربية، ونائب رئيس الجمعية المصرية للعلاج النفسي الجمعي في الفترة من 2012- 2016.
زميل الكلية الملكية البريطانية للأطباء النفسيين، إضافةً إلى عضوية الجمعية الأمريكية للعلاج النفسي الجمعي، وعضوية الجمعية العالمية للعلاج النفسي الجمعي.
يتميز أسلوب د. محمد طه في كتاب علاقات خطرة بالبساطة تجدينه يخاطب النفس البشرية باللغة العامية، فيقع تأثير الكلمات على كل شخصٍ منّا.
من أعمال د. محمد طه أيضًا كتاب الخروج عن النص، وكتاب «لأ بطعم الفلامنكو».
ملخص كتاب علاقات خطرة لمحمد طه
يستهل كاتبنا الكتاب متحدثًا عن العلاقات بين البشر مبينًا أنها من أعقد وأصعب بل وأخطر العلاقات.
فبالرغم من أن العلاقات بين البشر قد تكون أحد الأسباب المهمة للسعادة والبهجة والإقبال على الحياة، إلا أنها أحيانًا قد تكون أحد أهم مصادر التعاسة والألم.
هناك علاقات تحلق بنا في أعالي السماء وأخرى تهبط بنا في الأرض، في حياتنا مجموعة من العلاقات نكبر من خلالها إما أن تصلح وتغير حياتنا، أو تؤذيها وتشوهها.
يلفت الكاتب أذهاننا إلى إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة هارفارد واستمرت 75 سنة ونشرت حديثًا.
اعتقد باحثو هذه الدراسة أن أكثر شيء سيؤثر في حياة الناس بعد مرور كل هذه السنوات التي قضوها هم وأولادهم، وأحفادهم الشهرة والنقود وغيرها من متاع الدنيا.
لكن اكتشف الباحثون في نهاية الدراسة أن أكثر شيء أثر في صحة البشر النفسية، والجسدية وطول أعمارهم ومدى سعادتهم ومقاومتهم للأحزان والأمراض والشيخوخة، هي العلاقات الطيبة في حياتهم، علاقات كان الطرف الآخر فيها موجود في الأوقات الصعبة، علاقات بها من الحب والتراحم والتفاهم ما يجعلها تتخطى كل الآلام.
على النقيض الآخر، الأشخاص الذين لا يمتلكون علاقات طيبة في حياتهم كانوا أكثر عُرضة للإصابة بالأمراض، فضلًا عن إصابتهم بأمراض الشيخوخة مثل: ألزهايمر وكذلك عدم قدرتهم على تحمل الألم النفسي والجسدي.
استثمري قانون الجذب في علاقتكِ مع الشريك.
العلاقات الطيبة إكسير الحياة
العلاقات الطيبة إكسير الحياة والترياق الوحيد ضد الذبول الروحي والموت النفسي.
يتكلم الكاتب في كتاب علاقات خطرة لمحمد طه عن أنواع وأشكال كثير من العلاقات، بدءًا من علاقتك بنفسك وانتهاءً بعلاقتك بكل من حولك، ويقسمه الكاتب إلى خمسة فصول، يعد الكتاب وجبةً نفسيةً دسمة، ينصح الكاتب تناولها على فترات وبجرعات مناسبة.
اقرئي أيضًا في قسم قرأت لكِ: أهمية القراءة في حياتنا. |
اسمع جسمك
يتطرق بنا الكاتب في هذا الجزء إلى مفهوم يغيب عن كثير منا، ألا وهو سماع صوت الجسد، فالجسد أصدق منا في شعورنا بأنفسنا.
بمعنى أنك أحيانًا تقول أنك «مطمئن» وفي ذات اللحظة تهتز قدميك باستمرار، أو أن تقول لأحدهم «صباح الخير» وتعبيرات وجهك تفصح عن شر أو غضب.
ينبهنا الكاتب إلى أن كل هذه التناقضات ناجمة عن مواقف وتراكمات قديمة، يصفها الكاتب بمتحف حفريات مليء بتحف غالية وتماثيل قديمة ولوحات من عصور سابقة.
«افهم جسمك… واحترمه… اسمعي جسمك… وحسي بيه… عاملوا أجسامكم بما تستحق… لأنها تستحق…»
من الثلاثة الذين يعيشون داخلك؟!
يغوص الكاتب في هذه الفقرة في أعماق أنفسنا مبينًا أن داخل كل شخص فينا، تعيش ثلاثة شخصيات كل شخصية منهم لها حياتها وذكرياتها وردود أفعالها.
يصف الكاتب الشخصية الأولى بالطفل ’’Child Ego State‘‘ الذي له ثلاثة أنماط: «الطفل الحر» الذي يتصرف بتلقائية على الفطرة دون عُقدٍ أو تشويه، شخصية تسكن بداخلك منذ الطفولة تخرج وقت الفرح أو المُزاح، أو «الطفل المتكيف» الذي قرر في أحد مراحل حياته الانصياع للآخرين بهدف كسب رضاهم، أو «الطفل المتمرد» الذي يرفض القواعد والقوانين.
أما الشخصية الثانية في كتاب علاقات خطرة لمحمد طه، وهي شخصية الوالد ’’Parent Ego State‘‘ مثل: «الوالد الراعي» الذي يساعد من حوله، أو «الوالد الناقد» الذي يمتلأ كلامه بالأوامر والتعليمات.
أخيرًا الشخصية الثالثة، شخصية البالغ ’’Adult Ego State‘‘: شخصية تظهر في بعض المواقف التي تتطلب تحكيم العقل، والتعامل مع الحقائق بأقل قدر من المشاعر.
تتميز كل شخصية من الشخصيات السابقة بنبرة صوت، وبحركات وتعبيرات معينة تخرج حسب الموقف.
اقرئي أيضًا في قسم قرأت لكِ: فوائد القراءة للأطفال. |
السؤال هنا من أنا؟!
يرد كاتبنا على هذا السؤال قائلًا: أنت في حقيقة الأمر كل هذه الشخصيات مجتمعة، لكن تخرج كل شخصية حسب الموقف الذي يستدعيها.
متى نحكم أننا نحتاج علاجًا نفسيًا؟! عندما تتداخل الأدوار، على سبيل المثال تكون في محاضرة ثم تخرج شخصية «الطفل الحر» الذي يتحدث بمزاحٍ وطرفٍ.
جديرًا بالذكر يصف أصحاب مدرسة التحليل المعاملاتي ’’Transactional Analysis‘‘ (تعتمد هذه المدرسة على نموذج حاسم للشخصية يساعد على فهم العلاقة مع الآخرين) الاكتئاب في صورة طفل مذعن خاضع طول الوقت.
وأن الهوس طفل حر أو متمرد، لكن الشخص الطبيعي هو الذي تتكامل فيه كل الأدوار الثلاثة تحت القيادة الحكيمة وهي الأنا الراشدة.
اقرئي المزيد عن العلاقات في: كتاب منارات الحب. |
أنواع العلاقات الخطرة
يستعرض كتاب علاقات خطرة لمحمد طه 30 علاقة خطرة، كل علاقة منهم لها ملامح ومواصفات وتفاصيل، ينصحنا الكاتب بأن نركز جيدًا في كل علاقة حتى نحمي أنفسنا ونحمي الآخرين، نستعرض فيما يلي أهم تلك العلاقات:
العلاقة مع شخص نرجسي
يصف د. محمد طه هذه العلاقة بأنها علاقة تستهلك وتستنزف صاحبها على كل المستويات؛ لأنك ستجد نفسك أمام إنسان يحب نفسه كثيرًا ولا يحب أحدًا غيرها، يعبد نفسه ويقدّسها، يضحي بأي شيء وفي أي وقت لمصلحته الشخصية، لا يراعي مشاعر وفي نفس الوقت يطلب منك أن تراعي مشاعره.
«لو لقيتي نفسك في علاقة مع شخص بالشكل ده… ولو ما سمحش لنفسه بالعلاج النفسي… خدي ديلك في سنانك… واجري…»
العلاقة مع شخص اعتمادي
يصف الكاتب الشخص الاعتمادي بشخص يعتمد على غيره في كل كبيرةٍ وصغيرة، يحتاجك دائمًا بجانبه، يطلب المشورة باستمرار، حتى أنه يطلب منك في بعض المواقف أن تتخذ بعض القرارات بدلًا منه؛ لأنه فقط لا يريد أن يتحمل مسؤولية قراراته، يخاف الوحدة لشعوره بالضعف وقلة الحيلة، يتمنى أن يدفع أي مقابل حتى تستمر علاقته بك.
يرى الكاتب أن هذه العلاقة تستنزف طاقتك ومجهودك ومشاعرك؛ لأنك ستتعامل معه على أنه طفل وتتحمل مسؤوليته كاملةً.
اقرئي أيضًا عن العلاقات من هنا: مراجعة كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة. |
علاقة التقديس
نرى هذه العلاقة في قصص الحب خاصةً في أولها، أن هناك شخص يقدس الآخر يتعامل معه على أنه شخص خارق.
لكن مشكلة هذه العلاقة أنها تعمي الإنسان عن النظر عن باقي جوانب الشخصية، فهو لا يرى غير الجانب الإيجابي في الشخص الذي أمامه، ويجعلك دومًا تعيش في الوهم والخيال.
«ويعقب الكاتب قائلًا: «ما تفرحش بالتقديس وما تقدسش حد اللي يستاهل التقديس هو ربنا بس وإحنا بشر مش آلهة»
علاقة العمى
يبين د. محمد طه في كتاب علاقات خطرة أن في مثل هذا النوع من العلاقات هناك طرف لا يرى الآخر، بمعنى أننا في بعض الأحيان قد نرى إنسان نشعر معه بالراحة النفسية من أول مرة، أو تنطبع لدينا مشاعر بالبغض نحوه.
في الغالب تكون هذه المشاعر غير خاصة بالطرف الذي أمامنا، ولكنها في حقيقة الأمر تراكمات قديمة تجاه أشخاص تعاملنا معهم وانطبعت لدينا مشاعر حب أو بغض عنهم.
متى أعرف أنها مشاعر حقيقية أم لا؟
يعد الحب أو الكره غير المبرر من الدلالات القوية على أنها مشاعر غير حقيقية. عندها، تأكد أنك لا تتعامل مع الشخص نفسه. لكن، تتعامل مع شخص آخر يسكُن في ذاكرتك.
للمزيد من المعلومات عن العلاقة بينكِ وبين شريك حياتكِ وكيفية تنميتها، اقرئي “كتاب لغات الحب الخمس“. |
علاقة مع شخص لديه وسواس
هي علاقة تجد نفسك فيها تحت سيطرة الطرف الآخر، يحسب عليك كل خطوة تخطوها، إنسان مثالي يلتزم بالقوانين ويستغرق كثيرًا في التفاصيل، لا توجد مرونة في تصرفاته ولا أفعاله، لا يعبر عن مشاعره وعواطفه كثيرًا؛ لأنه يعدها نوعًا من الضعف.
«لــو لقيتــي نفســك في علاقــة مــع حــد بالشــكل ده (مــن غـير مــا يتعالــج)، خليكــوا عارفين… إنكوا هاتخسروا تلقائيتكم، وهاتدفنوا إبداعكم… وطول الوقـت… هاتشكوا في نفسكم…»
علاقة الضحية والجاني والمنقذ
يصف كتاب علاقات خطرة لمحمد طه أن بعض الناس عندما تدخل في علاقة معينة يختار يلعب دورًا من ثلاثة أدوار، وهم: الضحية والجاني والمنقذ.
على سبيل المثال: تجد شخصًا دائم التضحية بنفسه، يعيش ليعطي فقط. يستنزف طاقته لإسعاد غيره، وهنا هو يلعب دور الضحية.
شخص آخر: عندما يدخل في علاقة يتوقع من الطرف الآخر أن ينصاع لأوامره ويطيعه. إنسان قاسٍ وصعب لا يسامح، وهذا الشخص يلعب دور الجاني.
الشخص الثالث: شخص محبوب ولطيف، يقدّم لك الحلول، ويأخذ بيدك لبر الأمان، عاقل وحكيم ورزين. يتصرف بهدوء، وهنا هو يلعب دور المنقذ.
يوجه الكاتب هنا أنظارنا أنه لا توجد أفضلية بين دور وآخر. لأن الشخص الذي يلعب دور الضحية، هو في الحقيقة يحب أن يثبت لنفسه أنه مظلوم. حتى يتنصل من المسؤولية والإحساس بالذنب.
أما الذي يلعب دور الجاني: فهو في الحقيقةِ ينتقم من نفسه ومن الآخرين في شخصك.
أما المُنقذ فهو شخص يريد أن ينصب شباكه حولك لكي يسيطر عليك وعلى أفكارك ويجعلك تعتمد عليه.
ينصحك الكاتب بأن تبتعد عن ممارسة كل هذه الأدوار وأن تعيد ترتيب حياتك. وأن تصحح مسارك ولا تسمح لأي شخص أن يخرج منك دورًا تمارسه معه.
العلاقة مع شخص مستغل ”Abuser”
يصف الكاتب هذه العلاقة أنها المادة الخام للعلاقات الخطرة والمؤذية. فكل علاقة من العلاقات سالفة الذكر يمكن أن يتحول فيها الشخص إلى شخص مستغل، فالشخص النرجسي شخص مستغل. والسيكوباث (اضطراب في الشخصية من صفاته التلاعب بالآخرين والخيانة) مستغل وغيرها الكثير.
يمكن لأي شخصية مما سبق أن يستغلك عاطفيًا أو ماليًا، أو يستغل وقتك وجهدك. حتى تصل إلى نقطة تفقد عندها نفسك.
هنا تكمن المشكلة في الشخص المستغَل الذي يخضع لاستغلال الطرف الآخر ويستسلم له. تشعر أنه قد اختار الإنسان المؤذي من بين كل البشر كي يتحكم فيه. ويرفض كل المحاولات والنصائح للابتعاد عن الأذى وإنهاء مثل هذه العلاقة. ويفضل الاستمرار في هذه العلاقة المؤذية.
ينصحك الكاتب في كتاب علاقات خطرة بثلاثة أشياء يمكن أن تحميك في مثل هذا النوع من العلاقات وهم:
- ضع لنفسك حدودًا واضحة وأي علاقة بها أذى تنهيها على الفور.
- أن تقول «لا» إذا لزم الأمر أمام أي إنسان؛ لكي تحمي نفسك من أي اختراق.
- أن تشعر دائمًا أنك تستحق الحب والاحترام والتقدير والفرح.
العلاقة الحقيقية
بعد أن سردنا معظم العلاقات الخطرة، حان الوقت لنتكلم عن العلاقة الصحية. العلاقة التي تغيرنا وتحولنا للأفضل، العلاقة التي تساعدنا أن نكون أنفسنا وألا نكون صورًا من الآخرين.
ما هي مواصفات العلاقة الطيبة الصحية؟
يبين كتاب علاقات خطرة للدكتور محمد طه أنه لكي تكون العلاقة صحية بين الطرفين. ينبغي أن يتوفر فيها 7 أشياء وهم:
- أن يهتم بك الطرف الثاني في حضورك وغيابك. يطمئن عليك، ويدعو لك، حتى إن لم تلتقيا يظل الحب والود والاهتمام قائمًا.
- يستمع إليك عندما تحتاج إليه ويتفاعل معك. ويقدم لك النصيحة عندما تطلبها منه.
- أن يقبلك ويحترمك دون شروط، وهذا ليس معناه أن يوافق على الأخطاء. فالقبول غير الموافقة، بمعنى أن يتقبل عيوبك وأخطاءك ومواطن ضعفك وفشلك. علاقة مبنية على الصبر والتسامح، وغير مبنية على التهديد في حال عدم التغيير.
- لا يتعامل معك على أنه قاضٍ، ولا يفرض سيطرته عليك تحت أي ظرف.
- يضع نفسه مكانك يشعر بك ويفهمك، يعذرك ويسامحك ويساعدك.
- علاقة مبنية على الصراحة والوضوح، لا على التزييف والتمثيل.
- أما النصيحة السابعة والأخيرة للطرفين معًا. يجب ألا تغلقا العلاقة على أنفسكما وتقررا العزلة عن العالم لأن مصير مثل هذه العلاقات هو الفشل.
إذا توفرت الشروط سالفة الذكر في أي علاقة؛ ستكون علاقة صحية تغير كلا الطرفين إلى الأفضل. أيًا كانت هذه العلاقة، علاقة زواج، أو عمل أو صداقة…
ختامًا، بعد أن استعرضنا ملخص كتاب علاقات خطرة لمحمد طه. يجدر بنا القول أن العلاقة الحقيقية هي التي تشعر فيها بوجودك شريك للطرف الآخر. تستحق منه الاهتمام والحب والتقدير، دون أن تدفع مقابل ذلك.
لا يغني قراءة هذا المقال عن قراءة الكتاب كاملًا، بالتأكيد سيكون علامة فارقة في علاقتنا مع الآخرين.